الجمعة، 4 ديسمبر 2009

الحكمة القديمة









أين العالم من سياسة الانتظار مع عدم الانتظار؟



إلى أصحاب الأنفس الشريفة وذوي الصيحة العميقة، إلى أنبل البشر وخير مَن وطىء الأرض بقدم:



آدمية الزمان اقتضت أن نكون من الأعوان وأن نسير مع الحق بخُطى وانسجام، لكن الخوف لا زال يمسك بثوبنا وعدم الراحة يقلقنا.



ومن أين يأتي الخوف؟ من مراقبة الأحداث والقلق على المصير،



فهلموا إذاً إلى لغة إرضاء الضمير؟



لن يحدث سوى ما قدّره المُحدِث ولن تصنعوا سوى التفكير.



لماذا التساؤل والتحيّر بشأن ما كان أو سيكون؟



فلغة الاستيضاح بانت وعن رفاقها وأخوانها عُرِفَت،



والأيام تشعّبت والخصال ظهرت،



إذاً، لا تستعجبوا بل اضحكوا على نثرات الثلج وهي تتساقط في الآفاق، واستبشروا لانكشاف حقائق الذات، ومعرفة وضع الحي ووصف الممات.



أما لسان التسلّط فقد بدأ بالانزلاق، والتفادي لم يعد بحكم الأيادي، بل بقدرة العقول على استيعاب الآتي قبل أن تطوش،



وتدخل في عالم المزاج المعكوس الذين استعبدهم الإبليس الأعظم من حيث تعلمون ومن حيث لا يعلمون، فهم لأوامره يمتثلون وعن نواهيه ينتهون.



وها هي الأيام تتسارع بين الآحاد والسبوت،



وها هو الزمان يفاجئ هذه الأنفس بمقدّمات الأعمال ويخرج لها ما خبأه من العجائب والأهوال،



وها هي الفرص تضيق أمام أبالسة الدين وطُغاة الأدوار إلى أن يستجوبوا ماضيهم بحاضرهم الأليم لعلهم يستوعبوا نتائج ما احتقبت أيديهم في سابق الأدوار بحق الأنبياء والمرسلين.



وللكوارث نغمات تعلو تارة وطوراً تنخفض تماماً كترتيل الآيات، ومعاداة البلاد وصراع العباد نهاية واقتراب للأوان الذي طال واستنكر من شدّة الكفر والارتداد.



وها هي دائرة الأدوار تعود إلى نقطة البيكار، ومحصول الدوران في محطة التركيز، ومَن خاف من التركيز وقع في أسلوب كان فتطاير الإمكان.



فلماذا تخافوا من التركيز في الحاضر واستيضاح معاني الوجود بعين الناظر وتفضّلوا عوضاً الانتظار واستمداد المعنى من منطق الأشرار؟



المنادي ينادي ومن خيرة الأعمال الصبر والاقتناع بالموجود وسعادة الوجود.



لأن اقتدار القدر كإتيان اللص في وصف قدوم السيد المسيح المنتظر ليثبت للبشر حقيقة التكوين ومَن يملك قدرة التحريك، وما زمن الإمهال إلا لاستيعاب العبر واستيضاح معاني الحكمة من الصبر ولذّة الروعة من الحذر، إلى أن يرتفع صدى صرخة الحق وتطرق مسامع جميع الخلق، فتذهل المراضع عن المرضعات ويتناهى بالأجل محتوم القدر بحلول يوم الميقات ويُقال: لِمَن الملك اليوم في كل يوم؟



هذه هي سياسة الأنفس على مشارف توقّف العقارب عن العد،



أما بشأن السياسة التي أعطاها الزمان لوناً، فقد أصبحت زي قديم وخرقة بالية، وهي بعيدة كل البعد عن تصوير الواقع.



والديبلوماسي ساكن ولا يعي مفهوم تصرّفاته لدى أهل الحكم، لذى تضيق الفرص أمامهم ليظهر الحق ويعترفوا به وينكشف المستور...



إذاً، فاتبع حدسك أيها الموحّد في شتّى الأمور، ولتكن سعادتك هي القانون والدستور،



لا مسايسة أو مصالح متبادلة، فكلّها لغات تشويش والغرض منها إرهاق النفس،



المسايرة؟



نعم، طالما أنها لون من ألوان الحلم، وهو من طبائع العقل:



"لا بالأذية تأتي أهل الحكمة والفصاحة"،



لكن، مع ضرورة الالتزام بالحد، حد المعرفة وإلى أين يريد أن يصل، لا طمع أو تسويق. فعنصر الأزمان والركض وراء الأفكار ومسايسة الشعور لاجتناب الكثير والتفكير بالاحتمال والاتقاء الشرير ومساندته زمن ولّى ولماضيه انتسب.



تجنّب إسعاد المطرود ومؤانسة المحبوب خير وسيلة لرسم حدود للمتسلّطين إلى أن يأتي وقت الخلاص واستراحة النفوس من تعكير الطارقين الجارحين لمعنى الوفاء والتصديق.



ولا تنسى نصيحة الحكيم لإبنه:



تصنيف أجناس الناس هو عامل لإيقاظ الحواس،



والانطباع الذاتي في إسلوب التعامُل أبسط وأصح لأنه معطّر بتوحيد الأزمان والدهور،



فاسمع إذاً وصية للممتحنين في ساعات اليوم الأخير:



نفسك هي القدس المحتلّة، وسلاح التحرير هو سر التحكّم بالنفس الناتجة عنها التصرّفات، والانتصار عليها يُماثل الانتصار على العدو الأكبر والدجّال المشبّه بالمسيح المنتظر.



وإليك نقطة بدء التحكّم بجزء: الأيام والأجزاء عملة لتداول الاستغلال ولزيادة الأطماع وتدمير المتفائل والمتحرّر وهما تماماً مثل المستعمر، لذا فإن أيامكِ دوامكِ وديوانك سعادتك، فلا تخشى من خوف، ولا تعدم الثقة، ولا تغلّط حدسك، ولا ترهق نفسك بالواجب، ولا تتعب حسّك بانتظار ما هو قادم، فـ "كل ممكن الحدوث هو ممكن ذاتي لا العكس" ولوازم الأمور تختلف عن مساندة المستور ومداواة الحاضر بالمستقبل لا ينفع، وتحضير العدّة والمكوث جانب الصخرة ليس لأهل الحكمة.



فليلازمك الصدق والروحانية ومنها تأتي المبادىء والأهمية.



ولك البركة مع المزيد من الفهم لعبارات الزمان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق